الأعمى-عبدالواحد محمد (مصر)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

الأعمى

  عبدالواحد محمد    

له عالم وبريق شكلي يحتمي به من جهله المزمن فلا يبصر رغم أن نظره سته على سته وكل مؤهلا ته الدونية يوظفها في خدمة أوهامه التي تدفعه للنيل من كل صاحب موهبة مبكرة كأنه حاكم الوجود في ظل توهان الرواية بعد رحيل عمنا نجيب محفوظ صاحب نوبل الذي كفر عن صنعه المدمر بجائزته العالمية محل تقد ير كل موهوب حقيقي ؟! ليكتب الأعمي كل يوم قصيدة لا تعرف لها معني سوى أنه يحاول إقحام نفسه في عالم لا يعترف به وليس له به أدني علاقة !
ربما ظنه الآثم في البحث عن مدلول آخر يشعره بقيمة واحدة إنسانية في عالمه الأخرس والذي حوله لمطبات اصطناعية لا تعد ولاتحصي فوجد ضالته في قصائد بلا معنى وجمهور غير الذين اشتراهم من سوق الفقر وربما هم أذكى منه فتوهم أنه خدعهم والعكس صحيح ؟وهذا الأعمى منه كثيرون اليوم في كثير من المجالات يعبثون بأظافرهم الطويلة والمميته في مكنون حاضر غاب فيه الحوار والمنهج العلمي والثقافي الذي يقرب الملايين من روح قصيدة واحدة ؟تحمل رمز التسامح والنبل لكي ينظر إلينا نوبل بعين العطف فلا نحرم من جائزته عقودا من الزمان ؟ويظل الأعمي مهيمنا على القصيدة العابثة كل مساء نحتاج إلي قرار ورؤية جماعية ترفض مثل هذا الأعمى بعلم وليس بحنجرة جهورية الصوت لم تعد لها أدنى فاعلية في عالم الفكر وصناعة الأقمار الصناعية التي غزت باب غرفنا الضيقة ليست بمعجزة بل بدأب من حملة رسالة إنسانية تحمل كل المتناقضات بعكس الأعمى الذي يكرس جهوده في قتل كل المشاعر المبدعة لكي يفوز بجائزة الوهم !
تذكرت كما علمنا أبي الراحل التسامح في القوة والنبل في إذكاء النصيحة وهكذا كان الأستاذ مصطفي الشوربجي مدرس العربية أطال الله في عمره في مدرستي ابن لقمان الإعداية والكائن موقعها في شارع الثانوية بالمنصورة دافعا لظهور كل موهبة جديرة الدفع والأهتمام مهما كانت ديانة الزملاء ومستواهم الاجتماعي، فقراء ، أغنياء .. لا يهم فكان الأستاذ القدير مصطفى الشوربجي حاضر الذهن يملك بصيرة وحلما في أداء رسالته الإنسانية بوعي فكانت جماعة الخطابة المدرسية والتي يرأسها تضمني ومعي من رفاق هذه المرحلة علمي عبدالوهاب .. جورج عزيز .. هشام سيد أحمد وغيرهم في حميمية أب لا يعرف فوارقا، بل كانت جائزتنا الشهرية من جيبه الشخصي وهو صاحب المرتب المتواضع .. بل كان يرفض الدروس الخصوصية بعكس الأعمي ليتواصل معنا يعلمنا الكثير من فلسفة حياة لم تتوقف حصة اللغة العربية علي فنونها فقط بل كان يلقي الضوء على أحداث عالمنا الكبير من المحيط إلى الخليج فكانت بغداد تحتل في أعماقه مكانة رفيعة بشعرائها وتاريخها وتمثال جعفرها المنصور ومؤسسها هارون الرشيد وحكيمها الطبري .. وفارسها الحجاج ابن يوسف الثقفي. معدن رجل ثري الملكات يطوف بنا مع شعر فدوى طوقان العربية الفلسطينية وأبو القاسم الشابي التونسي .. وأمير الشعر أحمد شوقي . واحمد علي باكثير .. العقاد .. مي زيادة .. الأخطل الصغير .. ديجول .. بونابرت .. محمد علي باشا .. عمرأبي ريشة .. المتنبي .. عمر بن عبدالعزيز .. صلاح الدين الأيوبي .. سمير أميس .. نفرتيتي .. وشعراء المهجر جبران خليل جبران .. ومخائيل نعيمة .. وسط طوفان من المعرفة وكأنه يعدنا لمهمتنا في زمن عولمي ؟ربما كان يقرأ واقعنا الذي سنحياه وعلي رأسه أعمى الفكر والحوار ؟وأتذكر قوله عن الشاعر العجمي الأصبهاني والذي كان يعرف بالخوزي ومن أبياته التي كان يطالعنا بها ونحن مازلنا في الصف الأول الأعداي هيهات نجمي آفل شارد ولي فما يخرق أبراجه أظل أخفي وقد أدبرت والسبع والسبعون محتاجة وشر أيام الفتى آخر فيه الفتى لأشقاء خواجة وكان يحدثنا دائما بلسان متفائل لا يعرف اللغو ببحة صوته الرخيم وشكله المشرب بحمرة تركية عربية تذكرني دائما بأهل الشام إذا نسبوني كنت من آل رستم ولكن شعري من لؤي بن غالب أنا من عرفت سراً وجهراًعجمي نما به التعريب هذا هو أستاذنا مصطفي الشوربجي الذي كان يسقينا من نبع رشفات سحرية من كأسه الممتلئ دائما في صحبة أهل الفكر شام وعجم وعرب وترك ومصريون وكأنه يؤكد لنا قسمه العربي مع أول حضور صباحي لتتحول حصته إلى منتدي عربي يفجر فينا أنهارا من ثقافة أصيلة لا تعرف تعصبا ولا تطرفا وهضم حقوق كالتي يمارسها الأعمي ؟ربما كنت باحثا عن نقطة ضوء ووجدتها لكي أخرج من فوضوية العميان وتنفحني روح وطن.



  abdelwahedmohaned@yahoo.com
  عبدالواحد محمد (مصر) (2009-11-30)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

الأعمى-عبدالواحد محمد (مصر)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia